مجلة الالتزامات والعقود
لا يمكن للغير في إطار عقد باطل أن يقف دائما موقف المدافع الذي يتصدى لدعوى البطلان إذا وقع المس بحقوقه بما يخو له حق الإبقا ء على سنده.
إذ يمكنه ولبلوغ نفس الغاية أخذ المبادرة والطعن في صحة العقد وإثارة البطلان، لأن في تنفيذ العقد الذي أبرمه المتعاقدان ما يهدد مصالحه ويقوض حقوقه باعتباره مبرما في حقه غشا وتدليسا.
فالدائن العادي الذي يتمتع فقط بحق ضمان عام على مجموع أموال المدين الذي قد يعمد إلى التفويت في أمواله عن سوء نية بما يعدم حظوظ الأول في استخلاص دينه في غياب أي ضمان خاصّ يحميه.
والورثة يمكنهم التضرر بصفة مباشرة من العقود التي أبرمها مورثهم في مرض الموت ونفس الشيء بالنسبة للخلف الخاص المهدد بزوال عقده إثر إجازة سلفه للعقد الباطل الذي كان رضاه معيبا عند إبرامه له.
كما يمكن للمالك الحقيقي أن يتضرر من تصرفات الفضولي الواقعة على ملكه.
فكل هؤلاء يعدون من الغير وقد مكنهم المشرع من حق القيام بإبطال التصرفات التي تستهدف مصالحهم.
لكن الإشكال القانوني الذي أثير في هذا الإطار هو ما الطبيعة القانونية لهذه الدعاوى. فهل نحن في إطار دعوى بطلان أم دعوى أخرى؟
من خلال مقاربة لجل الآراء الفقهية تبين أن الدعوى البليانية التي يرفعها الدائن على مدينه المعسر هي دعوى عدم نفاذ وليست بطلان. ولئن أمكن الإقرار بهذه النتيجة بالنسبة لتصرفات المفلس
في فترة الريبة فإنه لا يمكن التسليم بها في إطار تصرفات المدين في فترة المراقبة الخاصة بقانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية.
كما يمكن اعتبار دعاوى الخلف سواء العام أو الخاص دعوى عدم نفاذ وليست دعوى بطلان.
وأما دعوى بيع ملك الغير فقد انتهينا إلى أنها دعوى بطلان لكنه بطلان من نوع خاصّ لا يخضع للنظرية العامة وإنما يستمد أصوله من ذات النص التشريعي الذي ينظمه.
والملاحظ أنه رغم اختلاف طبيعة الدعاوى فإن غاية الغير واحدة وهي الرجوع بالوضعية إلى الحالة الأولى بما يخوله حق استرداد ما وقع التفويت فيه بدون وجه حق.
لكن هذه النتيجة على أهميتها تعرف حدودا عملية هامة إذ أن تعلق حق الغير حسن النية بالشيء موضوع حق الغير صاحب الدعوى فإن هذا التزاحم في المصالح قد يحسم للغير حسن النية بوجه لم يعد معه للغير صاحب الدعوى سوى الحق في طلب التعويض وهو أمر لا يرضي في غالب الأحيان هذا الأخير.
0 Commentaires